العرض في الرئيسةتحليلات

ما الذي ستضيفه قوة “طارق صالح”..؟ و ما أثر العوامل القائمة على مدى فاعليتها..؟

يمنات

عبد الوهاب الشرفي

تداول عدد من النشطاء في مواقع التواصل الاجتماعي صورة جديدة للعميد طارق محمد عبدالله صالح وهو يلقي محاضرة في عدد من الجنود في احد المعسكرات ولم تتوفر اي معلومات عن زمان و مكان التقاط تلك الصورة، الا انه يمكن الجزم بانها صورة حديثة بالنظر للمعدات القتالية و ازياد الجنود الظاهرة في الصورة.

بات من المؤكد ان العميد طارق يعمل على تجهيز قوة مقاتلة بقيادته بدعم اماراتي كبير و ان قيادة هذه القوة هي في محافظة عدن و قد تداولت عدد من الصور و الفيديوهات و كذلك تواترت الاخبار عن هذه القوة التي تعد بقيادة العميد طارق و باتت طلائع منها في جبهة المخا بمحافظة تعز.

يظل انشاء قوة عسكرية جديدة تقاتل تحت قيادة التحالف السعودي اضافة عسكرية لتوليفة القوات التي تقاتل تحت قيادة التحالف و يخضع تقدير حجم هذه الاضافة لاكثر من عامل مؤثر في قدرة العميد طارق على استقطاب المقاتلين و ضمهم لمعسكراته ومدى تجهيزها العسكري و اللوجستي و ايضا العقيدة القتالية التي ستحمل بها لخوض معاركها ضد الجيش و اللجان الشعبية.

استقطاب المقاتلين هو موضع منافسة بين طرف العميد طارق و بين طرف قيادة ما يسمى بـ”الجيش الوطني” و بين توجه طرف صنعاء لتفعيل دور الجيش في الفترة القادمة، وتجهيز هذه القوة يظل محكوما باستراتيجية الامارات في التسليح للمقاتلين المجهزين من قبلها وان قد بات واضحا ان التجهيز لهذه القوة يفوق التجهيز الذي حظيت به القوات المشكلة من “الحراك الانتقالي” و ما يسمى بـ”النخبة التهامية”، اما جانب العقيدة القتالية فهي بطبيعتها ستكون خاضعة لتوليفة المقاتلين بين “طالبي الثأر” لمقتل الرئيس السابق صالح وبين جنود دافعهم هو مرتباتهم التي قطعت عنهم لفترة، و بالطبع سيكون الجانب المعنوي لهذه القوة خاضعا لتجربة الميدان ومدى قدرة طرف “الجيش واللجان الشعبية” على مقارعتها.

تقدير حجم الاضافة العسكرية التي ستضيفها هذه القوة بقيادة العميد طارق ليست هي الاهمية الاولى لها، فطبيعة هذه القوة باعتبارها وحدات مقاتلة ليست مشكلة من منظومة الاخوان كما هو حال القوة المسماة بـ”الجيش الوطني” و المسماة  بـ”المقاومة” كما انها ليست مشكلة تبعا لاستثمار ملف سياسي كما هو حال قوات الحراك الانتقالي او ملف مناطقي كما هو حال قوات  “النخبة  المختلفة” التهامية و الشبوانية و الحضرمية وغيرها.

ما بين حذر السعودية في الذهاب مع القوات المشكلة من منظومة الاخوان الى النهاية و دعمها دون خطوط حمراء في مواجهة “الجيش و اللجان الشعبية” وصولا لتحقيق نصر عسكري كامل – ان امكن – تبعا لخشية السعودية من تمكين منظومة الاخوان من السلطة في البلد وبين الامكانية بالنسبة لقوات الحراك و النخب التي تعد غير فاعلة لمواصلة المعركة حتى النهاية لفقدها عقيدتها القتالية كلما ابتعدت المعركة عن مناطقها، تأتي القوة المشكلة بقيادة العميد طارق لتمثل قوة لا تحمل مخاطر تمكين الاخوان من السلطة في حال انتصارهم عسكريا ولا تحمل مخاطر عدم القدرة على مواصلة القتال في حال تقدم المواجهات لمناطق تختلف عن التركيبة “المناطقية” للقوات المقاتلة وهو عامل مهم فيما يتعلق بالتوجه للمناطق الخاضعة لسلطة المجلس السياسي، وبالتالي يمكن اعتبار القوة تحت قيادة العميد طارق قوة مثالية للتحالف السعودية يمكنه ان يقرر دعمها حتى النهاية.

في ظل الاهمية المترتبة على طبيعة هذه القوة تحت قيادة العميد طارق والتي تمثل – في النظرة الاولى – بديلا جيدا للتحالف السعودي لا يحمل مخاطر ولا عوائق القوى العسكرية و المقاتلة المتوفرة للتحالف قبل قوة العميد طارق تقوم الكثير من العوامل التي تحد من اهمية هذه الطبيعة بقدر كبير.

في ظل المنافسة بل و الصراع الاماراتي السعودي الذي يراوح في نقطة حساسة للغاية و لامجال فيها للمرونة سيكون لتصنيف قوة العميد طارق كقوة مدعومة اماراتيا اثر سلبي على تمكينها وفاعليتها وهو امر قد بداء اثره بالفعل من خلال مقابلة تحول العميد طارق لطرف الامارات بإعلان طرف هادي – السعودية – بقرار تعيين العميد علي صالح الاحمر قائدا لقوات الاحتياط وما تبعه من اعاقة لتدفق المقاتلين الى “طارق” باحتجازهم في نقاط عسكرية موالية لهادي ومنع دخولهم الى عدن وانضمامهم لقوت العميد طارق.

اثر الصراع الاماراتي السعودي لا يقف عند الحد من تدفق المقاتلين للعميد طارق وانما سيكون له اثره في اعتماد هذه القوة ضمن القوى المقبولة لخوض المعارك تحت عنوان “استعادة الشرعية” فهي كغيرها من القوى المرعية اماراتيا تدخل ضمن القوى المحسوبة من قبل طرف “الشرعية” قوى  “مليشاوية” و غير قانونية وستكون عرضة للاعتراض الذي يبدو انه سيرتفع في المرحلة القادمة ضد القوى الغير مؤطرة تحت قيادة ما يسمى “الجيش الوطني” التابع لطرف “الشرعية”، وهذا الاعتراض سيكون عاليا تجاه قوة العميد طارق اكثر منه في حق القوى المدعومة اماراتيا الاخرى لاعتبارات الموقف الصريح لقوة العميد طارق الصريحة في عدم الاعتراف بـ”الشرعية” بمقابل مواقف المؤاربة في هذا الجانب بالنسبة للقوى الاخرى المدعومة اماراتيا.

ما سيضاعف من الاعتراض امام هذه القوة هو موقف منظومة الاخوان منها كونها تراها قوة ناشئة من تيار الرئيس السابق صالح وهو تيار لايزال يصنف “انقلابيا” حتى اللحظة كما سيكون لتركة احداث 2011 م اثرها في مقاومة هذه القوة التي انبثقت عن طرف تمت “الثورة” عليه في تلك الاحداث ولازال الشرخ بينه وبين منظومة الاخوان قائما وسيستمر كذلك في ظل التوجه الاماراتي الصارم في محاربة منظومة الاخوان في اليمن وفي غيرها.

عدم الاعتراف الصريح لقوة العميد طارق بـ”الشرعية” سيزيد من اضعاف طبيعتها، فهذه القوة لاوجود لطرف سياسي رسمي منخرط في العملية السياسية تحسب عليه في ظل قيام طرف “المؤتمر الشعبي العام” كمكون بقيادة في الداخل هي من يحمل صفة الرسمية السياسية و المتعامل معها من قبل المجتمع الدولي و الاممي، كما انها لا تحمل صفة “القضية الوطنية” كما يتوفر لقوة الحراك الانتقالي مثلا وتظل القضية التي تتوفر لقوة العميد طارق هي قضية “ثأر لجريمة سياسية” في اقصى صور التفهم لتشكلها، وهذا الامر سيمثل عائقا امام امكانية استخدامها لتشكيل الحالة السياسية في البلد في حال تحقيق نصر عسكري يعتمد عليها او تشارك فيه.

تحديد الجبهات المتاحة امام قوة العميد طارق تظل محكومة بكونها قوة مدعومة اماراتيا فهذا الامر يجعل الجبهة المتاحة امامها هي جبهة المخا و باتجاه معركة الحديدة، فالوجود في جبهات اخرى سيكون غير متاح لها لعدم تلاقيها مع قوة ما يسمى “الجيش الوطني” و لحساسية انطلاقها من محافظات الجنوب بالنسبة لفصائل الحراك الجنوبي، و اقتصار الفرصة المتاحة لها على جبهة المخا وجبهة البيضاء بشروط خاصة يجعل نتائج قتالها متوقفا على عوامل سياسية بدرجة اولى اكثر من توقفه على القدرة القتالية وخصوصا فيما يتعلق بجبهة الساحل الغربي المرتبطة بمواقف دولية ستلعب روسيا فيها على الضد على عكس ما يتصوره الكثير لاعتبارات المنافسة العالمية بينها وبين الولايات المتحدة واثر هذه الجبهة على النتيجة في الملف اليمني ككل.

تظل النظرة للحراك الانتقالي لقوة العميد طارق قوة محسوبة على تيار الرئيس السابق صالح المتهم من قبل الحراك الجنوبي بأنه المسئول الاول عن “احتلال الجنوب”، وهي لقوات منظومة الاخوان المسلمين قوة “انقلابية” و قوة لطرف قاموا ضدها بثورة، و بالتالي فحضور قوت العميد طارق ضمن توليفة القوى المتحدة ضد طرف “الجيش و اللجان الشعبية” سيكون له اثاره السلبية على تكامل هذه التوليفة و قد بدأت مؤشرات ذلك في جبهة المخا والخلافات التي ولدت بين قوت الحراك الانتقالي وقوت العميد طارق فور وصولها للمخا.

اعتماد قوة العميد طارق على الامارات ايضا سيلعب في الضد في ظل تجارب سابقة سلبية للقوى المدعومة اماراتيا والتي كشفت ان الامارات تعمل لأجندات خاصة بها بعيدا عن اجندات القوى التي تدعمها، وهي اجندات تحظى بسخط واسع لدى ابناء المجتمع بالنظر اليها كممارسات احتلالية ومنتهكة للسيادة اليمنية و مختطفة للفرص الاقتصادية لليمن لصالحها وعدم اضافتها اي ايجابي في جانب الخدمات و الامن والاستقرار بالنسبة للمواطن واقتصارها على بناء كيانات مقاتلة تستخدمها لتمرير اجندتها على حساب اليمن و حاجات المجتمع.

مما لاشك فيه ان قوة العميد طارق ستكون محل اهتمام ومشاركة خلال الفترة القريبة القادمة لكن سيظل حضورها في معادلة القوى و التقدم عرضة للتقلبات و للمواقف – من فوق الطاولة ومن تحتها – المترتبة على كل العوامل السابقة ما يفقدها قد كبير من الاهمية المترتبة على طبيعتها، ويظل بعد الاضافة العسكرية التي ستمثلها هذه القضية خاضعا لعواملها التي سيحدد الاداء على الميدان هو المحدد لحجم هذه الاضافة، وان كان ما ستضيفه في ضريبة الدماء التي يدفعها اليمنيون جميعا لا يمكن التقليل منه.

المصدر: الغاية نيوز

للاشتراك في قناة موقع يمنات على التليجرام انقر هنا

لتكن أول من يعرف الخبر .. اشترك في خدمة “المستقلة موبايل“، لمشتركي “يمن موبايل” ارسل رقم (1) إلى 2520، ولمشتركي “ام تي إن” ارسل رقم (1) إلى 1416.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى